عندما يعبثون بالنصر !

عندما يعبثون بالنصر !

--------------------------------------------------------------------------------

هل فاجأتني الهزيمة الثقيلة من الاتحاد ؟! لا لم تفعل .. هل غَرَتْني الانتصارات الأخيرة للنصر ؟! لا لم تفعل .. لأنني تخطيت منذ سنوات مرحلة التشجيع الحماسي الذي يعمي البصيرة و أصبحت أنظر بمنظار عقلاني و موضوعي لموقع فريقي في خارطة التنافس الرياضي و حجم إمكاناته الفنية !

لم تفاجئني الهزيمة لأن فريقي أضعف من أن يهزم الاتحاد و لم تغرني الانتصارات على الوحدة و الوطني و الاتفاق و الطائي و القادسية و نجران لأنني من جيل نشأ على أن مثل هذه الفرق كانت نقاط مبارياتها في الجيب قبل أن يبدأ الموسم !

في صغري أتذكر أن زلزالا قويا ضرب الوسط الرياضي السعودي لأن (النصر) انهزم أما فريق (أحد) .. كانت تلك الهزيمة يومها مفاجأة ظل الوسط الرياضي يتذكرها لسنوات فلم يكن النصر إلا فتاكا يلتهم منافسيه كالغضنفر الشامخ بلا رحمة أو تردد .. هذا هو النصر الذي نشأت على عشقه و ترعرعت في حضن انتصاراته و توسدت بطولاته .. أما نصر اليوم الذي يفرح أنصاره لفوزه على الوطني و الوحدة و نجران و يكتبون المعلقات في إدارته و ينصبون لها رايات النصر على منتقديها لمجرد الفوز على هذه الفرق الهزيلة فهو ليس النصر الذي أعرفه و ليس هو النصر الذي أشجعه و بكل تأكيد ليس هو النصر الذي آمل منه العودة بي إلى عصر الأمجاد و الشموخ !

كان النصر في ذلك العهد الشامخ يفوز و يخسر ، يحقق البطولات و يخسرها ، و لكنه كان شامخا يفوز بشرف و يخسر بشرف ، أما نصر اليوم فنصر باهت يفوز بصعوبة و يخسر بسهولة .. يفوز بأهداف قليلة و يخسر بأهداف كثيرة .. نصر لم يعد يتجاوز قدره أن يكون من فرق الوسط بعد أن كان سيد الصدارة !

أنا من ذلك الجيل الذي تشرب نصر ماجد و محيسن و الهريفي و لم يستطع أن يتجرع نصر شريفي و شلته ! فلا يلومني أحد لأنني مازلت أرى المشوار طويلا و الطموح أبعد من أن يتحقق بهذه التوليفة النصراوية إداريا و فنيا و "شرفيا" !

* * *

عندما رأيت النصر يلعب أمام الإتحاد بهذا اللون السماوي الغريب ترحمت على الأمير عبدالرحمن بن سعود و شعرت بفقده ، فلم يكن أحد ليجرؤ على العبث بالنصر ، فالنصر هو الأصفر و الأزرق و الأصفر و الأزرق هو النصر .. رحمك الله يا أبو خالد .. غاب الكبار و خلت الساحة للصغار ليلهوا و يعبثوا !
و أتذكر أن الأمير ممدوح فكر في عهده أن يعدل في شعار النصر فثارت في وجهه عاصفة مدوية أعادته إلى صوابه و كفت يده عن العبث بشعار النصر ، فكيف الأمر و العبث اليوم بألوانه ؟!

* * *

رغم الهزيمة الثقيلة سأسلم بأن النصر هذا الموسم أفضل بكثير من الموسم الماضي ، و لكن قدراته الفنية مازالت بعيدة عن القدرة على مقارعة الكبار ، و لو تأملنا نتائجه لوجدنا أنه عجز عن هزيمة أي من فرق المقدمة و طريق البطولات لابد و أن يمر بالكبار !

* * *

لن أقسوا على الإدارة فلا شك أن هناك تحسن في أدائها ، و لو لاحظتم لوجدتم أن تحسن نتائج الفريق في الأسابيع السابقة قابله ابتعاد مسئولي الإدارة عن الاستعراض الإعلامي و إطلاق التصريحات الصحفية و ممارسة هواية إصدار البيانات !
لقد ركزوا أخيرا على الفريق و ابتعدوا عن دوامة الإعلام فتحسن الأداء و تقدم النصر في الترتيب !

* * *

هذا الموسم لن يحقق النصر أي انجاز بهذه التشكيلة الناقصة فنيا من لاعبيه ، لكنه وضع قدمه على طريق استعادة الثقة و شتان بين النصر المهزوز بالأمس و النصر اليوم الذي يلعب بندية و تنافسية ، لكن على رجال النصر و خاصة إدارته أن تعمل منذ الآن للتحضير للموسم القادم فلا تفوت فترة التسجيل القادمة لتدعيم خطوط الفريق و التخلص من سياسة استقطاب اللاعبين القدامى من الأندية الأخرى ، فالمستقبل للشباب الواعد و هو ما تفعله أندية المنافسة كالهلال و الاتحاد و الشباب التي تعمل على تدعيم صفوفها بالموهوبين و ليس عواجيز الأندية الأخرى فالمثل يقول : لو فيه خير ما ذبه الطير !

* * *

على النصر أيضا أن يعمل لنخل و غربلة و إعادة تشكيل مجلس أعضاء شرفه ، فالنصر ليس مبرة خيرة لشهرة جلوي بن سعود و نايف بن سعود و أمثالهما بل هو للرجال الذين يساهمون في دعمه بالمال و الجهد و قد حان الوقت ليبرهن أعضاء شرف النصر الحاليون على أنهم على قدر المسئولية و إلا فليفسحوا المجال لمن هم أقدر على خدمة النصر ليتقدموا الصفوف الشرفية !
و هناك العشرات من الأمراء و الوجهاء الأثرياء الراغبين في التقدم لولا نفورهم من التعرض لحرب الإساءة و التجريح و التحقير التي يشنها الحرس الشرفي القديم على كل نصراوي جديد يرغب في دعم النصر ، فالحرس القديم يعتبر أن النصر ضيعة خاصة متوارثة يمارسون فيها هواية صيد الشهرة بلا مقابل !

* * *

قد لا يكون النصر اليوم بمستوى طموحي المتشبع بنصر الماضي الشامخ و قد يكون الطريق طويلا و معبدا بالأشواك ، لكنني اليوم أكثر تفاؤلا من الأمس بمستقبل العودة إلى عهد الإنجاز و الأمجاد و الأمر لا يتطلب غير بذل المزيد من الجهد و العمل المشترك و تضافر الجهود و توحيد الهدف بين جميع النصراويين ، و هو أمر لن يتحقق إلا بالابتعاد عن ممارسة الإقصاء و التصنيف و إتباع سياسة التح** و رفع شعار من لم يكن معي فهو ضدي !
فلنخفف من حساسيتنا تجاه النقد ، فليس كل من نقد الإدارة هو عدو لها و ليس كل من مدحها هو تابع لها ، فلنتوقف جميعا عن التعصب للأشخاص و لنمجد النصر وحده !

أخيرا أقول .. تفاءلوا بالخير تجدوه !